الأحد، 29 مايو 2011

التكليف الثاني

عمل الملف الصحفي


على الرغم من انتشار ظاهرة الصحافة الإلكترونية بشكل متسارع فى بقاع شتى
من العالم، لا يزال هذا النوع من الصحافة في بداياته بالمنطقة العربية،
ويحتاج إلى المزيد من التوضيح لمفاهيمه وقواعده الأساسية، ومن هنا ستركز
هذه الورقة على الاقتراب من هذه القواعد والمفاهيم الأساسية وطرحها
للمناقشة، وستركز على نقاط محددة تشمل تقديم تعريف بالصحافة الإلكترونية
وابرز الاختلافات أو الخصائص التي تميزها عن الصحافة الورقية التقليدية
ودورها في تغيير العلاقة مع الجمهور ومزايا الصحافة الإلكترونية وعيوبها،
والاتجاهات المتوقع أن تسودها مستقبلا، ثم نظرة سريعة على واقع الصحافة
الإلكترونية
تعريف الصحافة الإلكترونية:

خلال القرن الماضي ظهرت عشرات النظريات والمفاهيم التي حاولت وضع تعريفات
للإعلام بشكل عام، فعلى سبيل المثال عرف "محمد خضر" الإعلام بأنه "الوسيلة
الرئيسية التي تقوم بالاتصال بين البشر من خلال أهداف محددة توضع عن طريق
تخطيط متقن بغرض التعريف عما يجري داخل الوطن الواحد بواسطة الأخبار
والأنباء المختلفة الأنواع والتعليم والترفيه وإشباعا لرغباتهم في فهم ما
يحيط بهم من ظواهرامع اتجاه المزيد من الناس نحو الإنترنت كمورد ومصدر للمعلومات كان من
الطبيعي لوسائل الإعلام إن تتبع ذلك، وطبقا لبحث نشره الباحث الأمريكي مارك
ديويز حول تاريخ الصحافة الإلكترونية فإن أول صحيفة في الولايات المتحدة
تطلق نسخة إلكترونية على الإنترنت كانت شيكاغو تريبيون عام 1992 مع
نسختها شيكاغو اون لاين، وتوالى بعد ذلك ظهور المواقع الإخبارية والصحفية
على الإنترنت، سواء التابعة للصحف والقنوات التليفزيونية أو المواقع
الإخبارية المستقلة التي تعد قناة صحفية إلكترونية مستقلة في حد ذاتها.
استوقفت هذه الظاهرة الكثير من الباحثين والدارسين، فتعهدوها بالرصد
والتحليل وكان من نتيجة ذلك أن ظهرت في الأفق الكثير من التعريفات الخاصة
بالإعلام الإلكتروني، فالبعض يعرفه بأنه "عبارة عن نوع جديد من الإعلام يشترك
مع الإعلام التقليدي في المفهوم, والمبادئ العامة والأهداف,وما يميزه عنلإعلام التقليدي أنه يعتمد على وسيلة جديدة من وسائلالإعلام الحديثة اندمج بين كل وسائل الاتصال التقليدي, بهدف إيصال المضامين المطلوبة
بأشكال متمايزة, ومؤثرة بطريقة أكبر, وهو يعتمد بشكل رئيسي على الإنترنت
التي تتيح للإعلاميين فرصة كبيرة لتقديم موادهم الإعلامية المختلفة, بطريقة
إلكترونية بحتة.
ولو حاولنا وضع تعريف محدد للصحافة الإلكترونية فيمكننا القول أنها:

(نوع من الاتصال بين البشر يتم عبر الفضاء الإلكتروني ـ الإنترنت وشبكات

المعلومات والاتصالات الأخرى ـ تستخدم فيه فنون وآليات ومهارات العمل في

الصحافة المطبوعة مضافا إليها مهارات وآليات تقنيات المعلومات التي

تناسب استخدام الفضاء الإلكتروني كوسيط أو وسيلة اتصال بما في ذلك

استخدام النص والصوت والصورة والمستويات المختلفة من التفاعل مع

المتلقي، لاستقصاء الأنباء الآنية وغير الآنية ومعالجتها وتحليلها ونشرها

على الجماهير عبر الفضاء الإلكتروني بسرعة).

مداخل التعامل مع الصحافة الإلكترونية

في رحلة انتشارها عبر الإنترنت ـ وغيرها من شبكات المعلومات والاتصالات

الأخرى ـ لم تتخذ ظاهرة الصحافة الإلكترونية شكلا واحدا يمكن التعامل معه

من مدخل واحد وبسيط أيضا و ينتهي الأمر، بل كانت ثمرة طبيعية لبيئة

الإنترنت الغنية بتنويعاتها وأطيافها المختلفة وآلياتها الجديدة كمرآة

تعكس جزءا متزايد الحجم وشديد التفاعل وسريع التغيير من المجتمع البشرى،

فكان منطقيا أن تأتى الصحافة الإلكترونية مختلفة تماما عما هو سائد في

بيئة الصحافة التقليدية

ولو عدنا للتعريف السابق للصحافة الإلكترونية وحاولنا الاقتراب من هذه

الظاهرة، سنجد أننا في مواجهة ما يشبه بناء له عشرات المداخل، كل مدخل

أو مسار مختلف من حيث المساحة والأهمية والحجم، لكنه لا يوفر الفرصة

لتكوين صورة عامة ومتكاملة عن هذا البناء، لكونه مرتبط بالآخرين

بقوة،وعمليا هناك أحد عشر مدخلا يمكن السير فيها عند تناول ظاهرة الصحافة

الإلكترونية وهي:



ـ مسار عمل الصحافة الإلكترونية

على الرغم من أن المداخل والأوجه المتنوعة للصحافة الإلكترونية تحمل قداضحا من الاختلافات في التوجه والانتماء، فهي جميعاشكل ظاهرة واحدة

يفترض أن تسير وفق مسار أو منهج واحد تقريبا في العمل، بغض النظر عما

إذا كان من يقوم بهذا النشاط مؤسسات ودور صحفية ومحررون محترفون أو

منظمات غير صحفية أو صحفيون هواة أو خلافه، وذلك لأنه مسار نابع من طبيعة

الإنترنت كشبكة معلومات إلكترونية، وما تتيحه هذه الشبكة من إمكانات

وأدوات غير مسبوقة في ممارسة العمل الصحفي، وما تفرزه أيضا من تحديات.



ـ الأذرع الإلكترونية لوسائل الإعلام ( مواقع الصحف والقنوات الفضائية

والمجلات)



في ظل الاتجاه المتزايد نحو استخدام الإنترنت كوسيلة للإعلام والحصول على

الأخبار ومتابعة ما يجرى عالميا، كان من المتعين على الصحف المطبوعة أن

تنشئ لنفسها مواقع إلكترونية تخاطب بها جمهور الإنترنت الذي يتزايد بصورة

كبيرة عالميا، وتستخدم كوسيلة لامتصاص واستيعاب صدمة المنافسة الناشئة عن

اقتحام الإنترنت هذا المجال،ويزخر هذا المدخل بالعديد من النقاط الجديرة

بالمناقشة مثل مستوى الجودة في الموقع من حيث التصميم والتبويب، ودورة

تحديث البيانات بالموقع، والخدمات المقدمة عليه وغيرها، وتحمل هذه

الجوانب وغيرها قدرا من الثراء خاصة فيما يتعلق بمواقع الصحف العربية

التي لم تدرس ولا تتم متابعتها على نحو كاف حتى الآن.

ـ الصحف الإلكترونية (بوابات صحفية بلا صحف ورقية

في عام 99 ظهرت عبر الإنترنت موجة ( الدوت كوم)، والتي يقصد بها الشركات

التي ظهرت وتأسست لكي تعمل عبر الإنترنت فقط دون أن يكون لها نشاط أو

وجود مادي على أرض الواقع، وظهرت مئات الشركات من هذا النوع في مجالات

عديدة شملت السياحة والسفر والتجارة الإلكترونية والمجالات العلمية

والصناعية وأيضا المجال الإعلامي والصحفي، فتشكلت شركات لم تكن سوى مواقع

على الشبكة تعمل في مجال الصحافة والإعلام، وعرفت باسم بوابات الإنترنت

الصحفية، وتخصصت في تقديم المواد الإخبارية والتحليلات الصحفية والمقابلات

والحوارات والمحادثة والنشرات البريدية الإلكترونية وخدمات البريد

الإلكتروني وخدمات البحث في الأرشيف،وحاليا تجسد هذه البوابات نموذجا
الصحافة الإلكترونية الصرفة التي تمارس عملها بالكامل عبر الإنترنت دون أن

يكون لها أي نسخ مطبوعة، الأمر الذي يجعل منها مدخلا جيدا وغنيا يمكن

الاقتراب منه وفقا للعديد من النقاط الخاصة بالتصميم ودورية التحديث

وتنوع الخدمات والجهات القائمة على الموقع وتوجهاته العامة والرؤية التي

يحملها القائمون عليه.

ـ الصحف الإلكترونية التليفزيونية (قنوات المعلومات)

تعد قنوات المعلومات عبر التليفزيون أحد أوجه ظاهرة الصحافة الإلكترونية

الحديثة التي لا يمكن إغفالها، حتى وإن كانت لا تحظى بنفس القدر من

الاهتمام الذي تحظى به أوجه الصحافة الإلكترونية المرتبطة عضويا بشبكة

الإنترنت، فهي عمليا تقدم نوعا من الصحافة المقروءة على الشاشة، يستخدم

فيه العديد من الفنون والمهارات الصحفية المعروفة، خاصة فن الخبر

والتقرير وإن كانت تعتمد على السرعة والتركيز في العرض، مع تنوع

الاهتمامات والمزج ما بين المادة الخبرية وبعض الخدمات الحياتية

المختلفة، وقد تكون أبرز قيمة مضافة يقدمها هذا النوع من الصحافة

الإلكترونية هي الانتشار الواسع الذي ربما يفوق انتشار الصحف المطبوعة

والإلكترونية أحيانا، بحكم أنها تبث عبر وسيلة توصيل أوسع انتشارا واكثر

إتاحة وهى جهاز التليفزيون.

ـ الأذرع الإلكترونية الصحفية للجهات غير الإعلامية( الأحزاب ـ المنظمات ـ

الدول)

أشرنا آنفا إلى أن الطابع المفتوح لبيئة العمل الصحفي عبر الإنترنت قد

فتح المجال واسعا أمام العديد من الجهات غير الصحفية والإعلامية لكي تمارس

بنفسها وبشكل مباشر النشاط الصحفي بشكل أو بآخر، ولذلك يمكن لمستخدم

الشبكة أن يجد مئات المواقع الشهيرة التابعة لأحزاب سياسية ومنظمات محلية

ودولية، وحركات سياسية وعسكرية بل وحكومات ودول، جميعها يقدم خدمات

صحفية متنوعة عبر هذه المواقع، تشمل الخبر والرأي والتقارير المكتوبة

والمصورة والتحليلات ولقطات فيديو وتسجيلات حية وساحات النقاش والحوار

وغيرها، والزخم الموجود على هذه النوعية من المواقع في تزايد مستمر، مما

يجعلنا أمام مظهر مستقل قائم بذاته من مظاهر الصحافة الإلكترونية، تمتزج

فيه السياسة والعلوم والاقتصاد بالصحافة، وتتلاشى فيه الحدود بين مصدر

المعلومة والجهة القائمة على بثها ونقلها.



ـ البنية الإلكترونية الداخلية للصحف التقليدية

(مهارات وأدوات الصحفي والصحيفة):

ربما لا يعرف الكثيرون أن الصحف المطبوعة التي يطالعونها كل يوم ـ

ورغم كونها خارج الإنترنت ـ ما هي إلا نتاج بيئة عمل إلكترونية سائدة داخل

المؤسسات أو الدور الصحفية التي تصدرها، بعبارة أخرى فإن الصحيفة

المطبوعة يجرى إعدادها حاليا في شكل إلكتروني ورقمي بالكامل قبل الدفع

بها للمطبعة لتعود في صورة ورقية مرة أخرى، وبالطبع تختلف درجة تكامل

وشمول وترابط هذه البيئة في سلسلة أو مراحل العمل الصحفي من صحيفة لأخرى،

وهذا الواقع جعل الكثيرون يدخلون البنية الأساسية الإلكترونية داخل الصحف

ضمن تجليات أو ملامح ظاهرة الصحافة الإلكترونية، لأن هذه البنية كانت وراء

ما يطلق عليه الكثير من الأمريكيين الصحافة بمساعدة الحاسب أو Computer

Assisted Reporting CAR)) بمعنى توظيف الحاسب وتكنولوجيا المعلومات في

القيام بالمهام الصحفية.


ـ صحافة الهواة الإلكترونية المستقلة

مثلما كانت الإنترنت وسيلة أتاحت للمنظمات والهيئات غير الإعلامية ممارسة

النشاط الصحفي.. فعلت الشبكة الشيء نفسه بالنسبة للأفراد والهواة، وأصبح

بمقدور أي شخص سواء كان صحفيا أم لا أن ينشئ موقعا صحفيا ويقدم من خلاله

التقارير والأخبار والمعلومات والمقابلات الصحفية وبث لقطات بالصوت

والصورة من مواقع الأحداث، والأمر نفسه بالنسبة لأي مجموعة من مستخدمي

الشبكة الذين يتشاركون في الاهتمامات والأهداف والتخصصات، وتعرف الصحافة

الإلكترونية للهواة باسم ظاهرة ( البلوجرز)، وهى كلمة مأخوذة من الكلمة

الإنجليزية Weblog، وتعنى (الدخول على موقع) ، وجرى اختصارها في الاستخدام

اليومي على الشبكة إلى Blog، وظهرت على استحياء خلال السنوات الأخيرة،

لكنها نشطت وأصبحت ملحوظة على الشبكة عقب أحداث 11 سبتمبر بالولايات
المتحدة، ثم تعاظمت خلال غزو العراق

ـ اقتصاديات الصحافة الإلكترونية

باستثناء بعض أشكال الصحافة الإلكترونية التي تمارسها مؤسسات لخدمة أغراض

وأهداف غير إعلامية بالضرورة، فإن ممارسة الصحافة الإلكترونية تعد مشروعا

اقتصاديا يخضع لقواعد ومقاييس اقتصادية مثلها مثل أي مشروع آخر، وحاليا

تعد قضية التكلفة والعائد من الأمور التي تشكل عاملا مهما لدى كل من يقدم

على ممارسة هذا النوع من الصحافة ومن ثم يمثل مدخلا مهما من مداخل

التعامل مع ظاهرة الصحافة الإلكترونية.


ـ الصحافة الإلكترونية كبديل للمطبوعة

هل ظهرت الصحافة الإلكترونية لتحل محل الصحافة المطبوعة ؟ هل ستستطيع

الصحافة المطبوعة الصمود؟ هل الصحافة الإلكترونية مجرد بالون سينفجر في

وقت ما ويتبخر أثره في الهواء أم قنبلة ستفجر الأرض من تحت أقدام الصحافة

المطبوعة؟

أسئلة كثيرة ومهمة ومثيرة للجدل لكن لم تحسم بعد، ويدخل فيها الصحافة

الإلكترونية عبر الإنترنت والمحمول والتليفزيون وقنوات الكابل وغيرها في

مواجهة مع الصحافة المطبوعة، مما جعل هذه القضية أحد مداخل التعامل مع

ظاهرة الصحافة الإلكترونية و تحتاج معالجة متعمقة.

ـ حرية التعبير في عصر الصحافة الإلكترونية

لو عدنا مجددا للنظر إلى بيئة العمل في الصحافة الإلكترونية عبر الإنترنت

كفضاء إلكتروني غير محدود بقيود صارمة أو قابلة للتحكم فيها كما هو

الحال في بيئة عمل الصحافة المطبوعة، سنلاحظ على الفور أن الصحافة

الإلكترونية قد فتحت عصرا جديدا فيما يتعلق بحرية التعبير، وقدمت نافذة

لممارسة عمل صحفي لا تحده قيود أو حدود أو رقابة، الأمر الذي أوجد مدخلا

مستقلا يمكن أن نطل من خلاله على جزء من ظاهرة الصحافة الإلكترونية، وفي

هذا الصدد تضعنا ظاهرة الصحافة الإلكترونية أمام واقع جديد يمكن أن يقدم

الوجه الآخر والرأي الآخر بمنتهى السهولة واليسر، ويقفز فوق حواجز تكميم

الأفواه وإخفاء الحقائق وكتم الرأي في الصدور.

ـ أخلاقيات الصحافة الإلكترونية

من الخطأ النظر إلى ظاهرة الصحافة الإلكترونية كقافلة خير وكفى، فقد حملت

معها الكثير من التحديات التي يمكن أن تعصف بالصحافة كمهنة سواء كانت

تقليدية أو إلكترونية، وفى مقدمة هذه التحديات قضية الأخلاقيات في الصحافة

الإلكترونية، وهو جانب سلبى في هذا النوع من الصحافة حتى الآن، فعمليات

السطو على حقوق التأليف والنشر الخاصة بالآخرين على قدم وساق، والمصداقية

والثقة في كثير مما يتم تناوله من أخبار ومعلومات عبر هذا النوع من

الصحافة محل شك، ولذلك فإن هذا المدخل يمثل بعدا مهما جدير بالبحث من

الناحية القانونية والأخلاقية للحفاظ على الصحافة كمهنة.

خصائص وسمات الصحافة الإلكترونية

تحمل بيئة عمل الصحافة الإلكترونية الكثير من الاختلافات عن بيئة عمل

الصحافة المطبوعة، وقد كتب الكثيرون عن خصائص أو سمات بيئة عمل الصحافة

الإلكترونية، لكن من جانبنا نرى أن هناك مجموعة مترابطة ومتكاملة من

الخصائص أو السمات السائدة في بيئة عمل الصحافة الإلكترونية كالتالي

أولا: تعدد الوسائل

إذا كان الراديو يقدم الصوت والتليفزيون يقدم الصوت والصورة والصحافة

المطبوعة تقدم النص، فإن الصحافة الإلكترونية هي الوسيلة الوحيدة التي

بإمكانها تقديم الثلاثة معا بشكل مترابط وفى قمة الانسجام والإفادة

المتبادلة، ويعود ذلك إلى أن أدوات ممارسة الصحافة الإلكترونية تعتمد

بالأساس على التعامل مع المحتوى المخزن رقميا، الذي يتم فيه جمع وتخزين

وبث جميع أشكال المعلومات ويعتبرها ذات طبيعة واحدة بغض النظر عما إذا

كانت صوتا أو صورة أو نص، ومن ثم يجعل من السهل أن تضع ملفا رقميا على

حاسب أو موقعا بالإنترنت بداخله نص أو صوت أو صورة، و التحدى الأكبر أمام

الصحفي هنا هو امتلاك مهارات التعامل مع الأدوات والأجهزة السمعية والبصرية

والمكتوبة، ثم القدرة على تكوين رؤية تستطيع صهر كل هذه المواد في بوتقة

واحدة تخدم الجمهور.

ثانيا: التفاعل والمشاركة

في الصحافة المطبوعة يكون التفاعل الوحيد بين القارئ والجريدة هو النظر

إلى المادة التي تستهوية ثم القراءة، وتقليب الصفحات للأمام والخلف، وفى

التليفزيون يجلس ويتلقى بسلبية كل ما يذاع، وإن كانت هناك محاولات لنشر

ما يعرف بالتليفزيون التفاعلي، لكن الصحافة الإلكترونية تسمح بمستوى غير

مسبوق من التفاعل، يبدأ بمجرد البحث في مجموعة من النصوص والاختيار فيما

بينها، و ينتهي بإمكان توجيه الأسئلة المباشرة والفورية للصحفي أو مصدر

المعلومة نفسه، أو التدخل للمشاركة في صناعة خبر أو معلومة جديدة أثناء

القراءة وتصفح الموقع، من خلال إبداء الملاحظات أو المشاركة في استطلاعات

الرأي والحوارات الحية مع الآخرين حول ما يقرأ.

ثالثا: التمكين

في الصحافة المطبوعة ليس للجمهور خيار سوى قراءة ما هو مكتوب بالصحيفة،

لكن الصحافة الإلكترونية تقبل بفكرة تمكين الجمهور من بسط نفوذه على

المادة المقدمة وعملية الاتصال ككل، من خلال الاختيار ما بين الصوت والصورة

والنص الموجود مع المحتوى الصحفي سواء كانت أخبار أو تقارير أو تحليلات،

والمصادر المتعددة فالقارئ ليس أمامه قصة إخبارية واحدة فقط حول القضية،

بل بين يديه كل القصص التي نشرت عن الموضوع نفسه في السابق، وروابط

لمواقع أخرى يمكنه أن يجد بها معلومات إضافية، وبين يديه أيضا خدمات

متعددة يمكنه الاختيار من بينها.

رابعا: الخدمات المضافة القائمة على السرعة

لا يمكن للصحيفة المطبوعة أن تقدم شيئا خارج سطور الحبر المصفوفة على

الورق، وإذا كانت هناك خدمة ما فعلى الجمهور الاتصال بالصحيفة والانتظار

للعدد التالي ليبحث عن الخدمة، لكن بيئة عمل الصحافة الإلكترونية تقدم

للجمهور سلسلة من خدمات القيمة المضافة القائمة على فكرة السرعة أو

الآنية، فالصحيفة بإمكانها أن تلعب دور حلقة الاتصال اللحظية أو الآنية بين

جمهورها عبر حلقات النقاش وغرف المحادثة ومنتديات الحوار وقوائم البريد

وغيرها، وتستطيع مضاعفة القدرة على التحقق من الوقائع بشكل فوري عبر

تعدد المصادر والإحالات الموجودة على الموقع، وتستطيع القيام بخدمة

التحديث الفوري للمعلومات تبعا لتطور الأحداث.

خامسا: الشخصية

لا تستطيع الصحيفة المطبوعة أن تقدم نسخة مفصلة أو معدة حسب احتياجات كل

قارئ على حدة،بيد أن بيئة عمل الصحافة الإلكترونية بما تحمله من مرونة

واعتماد كثيف على تكنولوجيا المعلومات بإمكانها أن تجعل كل زائر للموقع

قادرا على أن يحدد لنفسه وبشكل شخصي الشكل الذى يريد أن يرى به الموقع،

فيركز على أبواب ومواد بعينها ويحجب أخرى، وينتقى بعض الخدمات ويلغى

الأخرى، ويقوم بكل ذلك في أي وقت يرغبه، وبإمكانه أيضا تعديله وقتما

يشاء، وفى كل الأحوال هو يتلقى ويستمع ويشاهد ما يتوافق مع اختياراته

الشخصية وليس ما يقوم الموقع ببثه.

سادسا: الحدود المفتوحة

في الصحافة المطبوعة يواجه المحررون عادة مشكلة محدودية المساحة المخصّصة

للنشر، وهذه المشكلة ليس موجودة في الصحافة الإلكترونية بسبب خاصية

الحدود المفتوحة، فمساحات التخزين الهائلة الموجودة على الحاسبات

الخادمة التي تدير المواقع لا تجعل هناك قيود تقريبا تتعلق بالمساحة أو

بحجم المقال أو عدد الأخبار، يضاف لذلك أن تكنولوجيات الإنترنت ـ خاصة

تكنولوجيا النص الفائق والروابط النشطة ـ تسمح بتكوين نسيج متنوع وذو

أطراف وتفريعات لا نهائية تسمح باستيعاب جميع ما يتجمع لدى الصحيفة من

معلومات.

سابعا: خصائص أخرى للصحافة الإلكترونية

توفر بيئة عمل الصحافة الإلكترونية فرصا كبيرة للوصول عبر الإنترنت إلى

مختلف أنحاء العالم، عكس عدد كبير جدّا من وسائل الإعلام التقليدية التي

تكون مقيدة – في أغلب الأحيان – بحدود جغرافية محددة، كذلك تتسم الصحافة

الإلكترونية بالتكلفة الأقل، فتكلفة إنشاء موقع أقل من تكلفة إنشاء صحيفة.

مسار ومنهج العمل

الصحافة المطبوعة مسار خطى ـ الإلكترونية مسار لا خطى

في ضوء الخصائص السابقة التي تميزت بها بيئة عمل الصحافة الإلكترونية،

يمكننا استخلاص منهج العمل الذي تعمل به هذه الصحافة، ولمزيد من التوضيح

سنعرض في عجالة لمسار ومنهج عمل الصحافة المطبوعة، فمن خلال المقارنة

تتضح الصورة أكثر.



الصحافة المطبوعة: مسار ( خطى)



يمكن القول أن الصحافة المطبوعة تتبع منهجا في العمل يقوم على المسار

الخطى، الذي ينقل القارئ من نقطة إلى نقطة في مسار مستقيم حتى ينقل

المعلومة من المصدر إلى الجمهور، كالتالي:

المرحلة الأولى: ساحة الأحداث ومصادر المعلومات، وفيها تتم مرحلة جمع

المعلومات بواسطة الصحفيين.

المرحلة الثانية: جهة الاتصال ويقوم بهذه المهمة المحررون وجهاز تحرير

الصحيفة ومسئوليها وإدارتها ككل، وفى هذه المرحلة تكون المواد القابلة

للطباعة ـ سواء صور أو نصوص مكتوبة ـ هي النمط الوحيد المستخدم.

المرحلة الثالثة: وسيلة الاتصال وهى صحيفة من الورق مطبوع عليها المحتوى

التحريري الذي حصل عليه جهازها التحريري


المرحلة الرابعة: جمهور متلقي عليه أن يقرأ فقط، ولا يملك من وسائل

الاتصال والتفاعل مع الصحيفة شيئا سوى عينيه وسطور الحبر المصفوفة على

الورق.

هكذا تصنع المراحل السابقة نموذجا خطيا ينتقل من نقطة لأخرى في خط مستقيم

من المصدر للقارىء.

الصحافة الإلكترونية : مسار لا خطى

في مقابل البساطة والسهولة التي يتميز بها المسار الخطى الذي تتبعه

الصحافة المطبوعة، تتبع الصحافة الإلكترونية مسارا لاخطياً يتسم بالتنوع

والتعقيد ويقوم على تعدد البدائل والخيارات في كل مرحلة من مراحل ممارسة

العمل عبر الصحافة الإلكترونية كشكل من أشكال الاتصال كالتالي:

المرحلة الأولى: ساحة الأحداث ومصادر المعلومات: لا يوجد بها صحفيون

محترفون فقط، بل تضم هواة ومستقلين وكثير ممن لا يمكن الحكم عليهم بأنهم

صحفيون من الأصل، كخبراء في مهنة ما أو نشطاء في حركة سياسية أو منظمة

دولية متخصصة أو مدافعين عن حقوق الإنسان.

المرحلة الثانية: جهة اتصال لا تقتصر على صحيفة أو مؤسسة صحفية وقنوات

تليفزيونية بل يوجد بجانبها منظمات وحركات سياسية وأحزاب ومنظمات دولية

ووزارات تابعة لدول وأشخاص مستقلين وهواة وغير ذلك، وجهة الاتصال لا تقوم

فقط بالتعامل مع نصوص مكتوبة ـ كما هو الحال في الصحافة المطبوعة ـ بل

يتعين عليها القيام بتحرير للمواد المقروءة والمسموعة والمرئية، وتحديث

قواعد البيانات والبحث عن مراجع ومصادر إضافية للمادة المقدمة .. الخ،

وتلقى هذه المهام المتنوعة في أهدافها وطبائعها بظلالها على البنية

الداخلية وعلاقات العمل السائدة داخل الصحيفة أو جهة الاتصال، فهي تفرض

نوعا جديدا من التفاعل والتداخل الإيجابي بين الصحفيين من جهة والتقنيين

ومتخصصي تكنولوجيا المعلومات من جهة أخرى، لأنه ليس من السهل ممارسة

الصحافة الإلكترونية بدون وجود أخصائيين في تصميم صفحات الويب وإدارة

المواقع وقواعد البيانات وتأمينها وتحديثها وتركيب البرمجيات الخاصة

بالتحديث الدوري للمحتوى

المرحلة الثالثة: وسيلة الاتصال تتغير من نسخة ورقية مطبوعة من الصحيفة،

إلى موقع على الإنترنت أو قناة معلومات صحفية تليفزيونية، أو محتوى صحيفة

يتم بثه بالكامل لا سلكيا على ما يعرف بالكتاب الإلكتروني أوغير ذلك من

الأوعية الرقمية الحاملة للمعلومات، التى يتجدد محتواها كل يوم وفى الوقت

نفسه تحتفظ بالمحتوى القديم، عكس الوعاء الورقى في الصحيفة التقليدية

الذى يفقد قيمته كلية تقريبا بالنسبة للقارئ في نهاية دورة صدوره وظهور

العدد التالي منه.

ووسيلة الاتصال داخل الصحافة الإلكترونية يتعين أن تكون قادرة تقديم خدمات

متنوعة منها (الروابط النشطة وخدمة البريد إلكتروني والأرشيف الإلكتروني

وخبراء جاهزون للرد على الأسئلة من قبل الجمهور، واستقصاءات للرأي ونظم

محادثة فورية ومواد مكتوبة ومواد مرئية ومواد مسموعة

المرحلة الرابعة: الجمهور المتلق

من المنطقي بالطبع أن تصل بنا المراحل الثلاث السابقة لمسار عمل الصحافة

الإلكترونية إلى جمهور مختلف كلية عن جمهور الصحافة المطبوعة، فالخدمات

والمنتجات المتنوعة التي سبق الإشارة إليها تهيئ الفرصة لجمهور مزود بقدر

من البدائل والأدوات التي تنقله من جمهور يتلقى بسلبية إلى جمهور يتفاعل

بإيجابية ليس مع ما يقدم له فقط ولكن مع من قدم له الخبر أو صنعه، فبعض

المواقع تتيح للجمهور الوصول للكتاب والصحفيين فوريا وبعضها الآخر يتيح

للجمهور الاستماع إلى ما يجرى في ساحة الأحداث لحظيا ويظهر هذا بوضوح في

مواقع القنوات الفضائية التي تتيح استقبال البث الحي عبر مواقعها.



واقع الصحافة الإلكترونية المصرية ( مواقع الصحف المطبوعة)

كانت المواقع الصحفية الإنترنت ـ من الناحية التاريخية ـ هي العصب الأساسي

في ظاهرة الصحافة الإلكترونية، وذلك فى مقابل الأشكال الأخرى المهمة

كالبنى المعلوماتية والإلكترونية للصحف المطبوعة وقنوات المعلومات

بالتليفزيون والصحف الإلكترونية التى يتم بثها على الحاسبات اليدوية

وغيرها، ولذلك يؤرخ الكثيرون لظهور وانتشار الصحافة الإلكترونية من خلال

مراحل التطور التي شهدتها المواقع الصحفية على الإنترنت وليس خارجها.

ويمكن القول إن واقع الصحافة الإلكترونية المصرية لا يخرج عن هذا الاتجاه،

فالمواقع التابعة للصحف المطبوعة تشكل الجزء الرئيسي وربما الساحق فى

ظاهرة الصحافة الإلكترونية المصرية الحالية على الإنترنت، أما المواقع

التابعة لجهات غير صحفية ( كبوابات الأخبار المستقلة ومواقع قنوات

التليفزيون المصرية والأحزاب والمنظمات والهيئات وغيرها) فهي إما غير

موجودة أصلا أو لا تمارس أى نوع من الصحافة الإلكترونية أو قليلة العدد ولا

تشكل ظاهرة، ومن هنا يصبح الحديث عن الصحافة الإلكترونية المصرية من

الناحية العملية حديثا عن مواقع الصحف المطبوعة وليس غيرها.

وتناول واقع الصحافة الالكترونية يتم عادة من خلال معايير تناسب بيئة عمل

صحافة الانترنت وتحاول تقييم هذا الواقع ورصد حركته، بدءا من الوعى بوجود

صحافة الانترنت وانتهاء بمعدل انتشار الموقع ونجاحه على الشبكة وجذبه

لمستخدميها، وذلك على النحو التالى:

الوعى بالظاهرة والهدف من الإقبال عليها

يشير الواقع الحالي إلى أن الصحف المصرية ( قومية ـ حزبية ـ خاصة) لديها

درجة عالية من الوعي بضرورة الوجود على الشبكة،وأن يكون لديها ذراعا أو

نافذة تطل منها على الفضاء الإلكتروني، فالغالبية الساحقة ـ إن لم يكن كل

الصحف ـ تمتلك حاليا موقعا و احدا على الأقل وهذا هو السائد، وعدد قليل

يمتلك بوابة موسعة تضم بداخلها عدة مواقع كما هو الحال فى المؤسسات

الكبرى وفى مقدمتها الأهرام وأخبار اليوم.

من ناحية أخرى يمكن القول أن هذه الدرجة العالية من الوعى لم تعكس فى

أغلب الحالات ـ إن لم يكن في جميع الحالات ـ مستوى متقدما من الأهداف

الواضحة التي عادة ما تحاول المواقع التابعة للصحف تحقيقها، فالانطباع

العام الذي يمكن الخروج به من هذه المواقع أن أهدافها تتوقف عند مجرد

الحضور في حد ذاته وإثبات الوجود على الشبكة، ولا تدل الخدمات والمحتوى

المقدم من خلالها عن أن الصحيفة أو المؤسسة مالكة الموقع قد طورت لنفسها

أهدافا واضحة تتجاوز ذلك، كاستخدام الموقع لمزيد من الانتشار الجماهيري

عبر استخدامه كآلية جديدة للتفاعل الحي مع القارئ، أو إحداث نوع من

التكامل بين الموقع والنسخ المطبوعة، أو استخدام الموقع فى اجتذاب قراء

جدد وشرائح جديدة داخل البلاد أو خارجها.

ولعل ابسط دليل على ذلك أن جميع الصحف تقريبا لم تنفق أو تخصص ميزانيات

للترويج وتسويق مواقعها عبر الشبكة بالأساليب والآليات التي تناسب بيئة

العمل عبر الإنترنت، كالتسجيل في محركات البحث الكبرى أو الإعلان عن نفسها

عبر الإنترنت.

نمط بناء واستضافة وإدارة المواقع

يقصد بهذا المعيار النمط الذي تستخدمه الصحيفة فى تشييد وإدارة موقعها،

وما إذا كانت تقوم بإسناده لشركة متخصصة في تكنولوجيا المعلومات لتقوم

باستضافة الموقع ومحتواه على حاسباتها الخادمة وبنيتها المعلوماتية ، أم

يكون لديها هي البنية الداخلية المعلوماتية ـ شبكات اتصالات وشبكات

معلومات وفنيون ومحررون مدربون ـ التي تجعلها تقوم بهذه المهمة كليا أو

جزئيا.

وعمليا تعهد كل الصحف المصرية ـ باستثناء مؤسسة الأهرام ـ إلى جهات

وشركات متخصصة ببناء وإدارة واستضافة مواقعها على الشبكة، وعمليات

التعهيد متنوعة المستوى، فالبعض يعهد كليا ولا يتمثل إسهامه سوى فى تقديم

المحتوى المنشور في الصحيفة أصلا ثم متابعة الموقع، بينما كل شيء يحل

ضيفا على الشركات المنفذة بعيدا عن الصحيفة وبنيتها الداخلية، والبعض

الآخر يشترك بنسب متفاوتة في عمليات الإدارة والتحديث كما هو الحال فى

مؤسسة الاخبار ودار التحرير والعالم اليوم، أما الأهرام فيتكفل مركز أماك

بكل شيء خاص بموقع الأهرام دون الاستعانة بطرف خارجى.

والحقيقة أن هذا المعيار يستخدم لقياس عمق التفاعل بين الصحفية ـ كمؤسسة

أو كيان متكامل ـ مع ظاهرة الصحافة الالكترونية ككل وليس مجرد الموقع على

الشبكة، لأنه معيار يتعامل مع أكثر من مدخل من مداخل التعامل مع الصحافة

الالكترونية، من بينها الموقع على الانترنت، والبنية الالكترونية الداخلية

للصحيفة، وفى ضوء المؤشرات الحالية يمكن القول أنه باستثناء مؤسسة

الأهرام، فإن الصحافة المصرية ـ فى مجملها ـ لم تطور علاقة عميقة وحيوية

مع ظاهرة الصحافة الالكترونية، فيما يتعلق بالأمور التقنية والحرفية ولا

تزال تتعامل معها عبر شركات متخصصة تلعب دور الوسيط.

إلى أي جيل تنتمي؟

يقصد بهذا المعيار المرحلة التي بلغتها مواقع الصحف الإلكترونية المصرية

من النضج والتطور فى المفهوم وأساليب العمل والخدمات المقدمة، مقارنة

بما حدث ويحدث عالميا.

ففي بداية ظهورها عالميا .. كانت مواقع الصحافة الإلكترونية تتسم بالجمود

وبطء التجديد والاقتصار على النصوص فقط، مع غياب شبه كامل للملفات

السمعية وملفات الفيديو وقلة في الصور، ولم تكن الخدمات التفاعلية

والإضافية قد ظهرت بعد، ومن الناحية التنظيمية كان الفريق الذي يشرف على

مواقع الإنترنت التابعة للصحف أغلبه من التقنيين الذين ينقلون محتوى ـ

صورا ونصوصا ـ أنتج خصيصا للنسخة المطبوعة، ويقومون بإعداد هذا المحتوى

بالشكل الذي يجعل من الممكن عرضه عبر الإنترنت، وجسدت هذه المواقع الجيل

الأول من الصحافة الإلكترونية.

فى مرحلة تالية تحسنت التقنيات المستخدمة في تصميم وتشغيل المواقع عبر

الإنترنت، وتسللت بسرعة صاروخية إلى المواقع الصحفية، ونقلت إليها

الحيوية والنشاط ودورية التحديث قصيرة الزمن، وبدأت تظهر الخدمات

المضافة على المواقع، كما وجد مفهوم تعدد الوسائط طريقه إلى هذه

المواقع،وأطلق عليها مواقع الجيل الثاني.

حدث بعد ذلك تطور مهم للغاية، حينما استطاعت مواقع الصحف توظيف جميع

التطورات آلتي شهدتها تكنولوجيا الإنترنت لصالح الخدمة الصحفية المقدمة،

خاصة فيما يتعلق بتكنولوجيا بث ملفات الصوت والفيديو واللقطات الحية عبر

الإنترنت بسرعات جيدة، والإمكانات الهائلة التي تحققت في مجال تخزين

البيانات ونظم البحث في النصوص والمواد المسموعة والمرئية عبر الإنترنت،

والسهولة الشديدة في بناء واستخدام الخدمات التفاعلية على المواقع و

التي استخدم الكثير منها بنجاح فى مواقع التجارة الإلكترونية ومواقع

الترفيه والموسيقى،وهو ما جعل المواقع الصحفية تتوسع فى تقديم الخدمات

التفاعلية الحية ، و البحث التشعبي عبر الموقع، فظهرت القصص الإخبارية

المتعددة الوسائط، وعمليات النقل المباشر من مواقع الأحداث وإمكانية

التواصل الحي بين القراء والصحفيين، وظهرت خدمة استضافة الخبراء على

الموقع فى حوارات مباشرة وحية واستطلاعات الرأي والملفات المصورة

والمسموعة، وغيرها من خدمات المنهج اللاخطي فى الصحافة الإلكترونية.

ومن الناحية التنظيمية بدأت بعض الصحف تخصص فرقا مستقلة من محرريها

ينتجون محتوى مخصصا للنسخ الإلكترونية من الصحيفة فقط، ومن الأمثلة

البارزة في هذا الصدد ما قامت به محطة سى إن إن، و موقع إم اس إن بي سى،

و‏جريدة‏ ‏شيكاغو‏ ‏تريبيون‏ التي عينت 100 شخص للعمل في طبعتها الإلكترونية،

وهذا ما يمكن أن نطلق عليه الجيل الثالث للمواقع الصحفية.

وبالنظر إلى مواقع الصحافة الإلكترونية المصرية سنجد النسبة الأكبر منها

تتأرجح ما بين الجيل الأول والثاني، بينما خطاعدد محدود للغاية بعض

الخطوات صوب الجيل الثالث، فمن حيث طرق تقديم المحتوى لا تزال بعض

المواقع ـ كالأهالي ـ يقدم محتواه فى شكل صور وليس نصوص، بينما الغالبية

الساحقة ـ إن لم تكن جميع المواقع الأخرى ـ تقتصر خدماتها على النصوص

فقط، ولا تقدم أية خدمات تفاعلية معتمدة على مفهوم الوسائط المتعددة، من

ملفات صوتية أو لقطات فيديو أو حتى خدمات بحث تشعبية ما بينها وبين

مصادر المعلومات الأخرى على الشبكة، وتلك‏ ‏السمة‏ النصية ‏لا تزال‏ ‏تسيطر عليه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق